بسم الله الرحمن الرحيم
::...:: كيف نتعامل مع العصاة؟ ::...::
قال ابن رجب رحمه الله تعالى: (واعلم أن الناس على ضربين:
أحدهما: من كان مستورا لا يعرف بشيء من المعاصي، فإذا وقعت منه هفوة أو زلة فإنه لا يجوز
هتكها ولا كشفها ولا التحدث بها، لأن ذلك غيبة محرمة، وهذا هو الذي وردت فيه النصوص،
وفي ذلك قال الله تعالى: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة} (النور: 19)
والمراد إشاعة الفاحشة على المؤمن فيما وقع منه، أو اتهم به مما هو بريء منه، كما في قصة الإفك.
قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمر بالمعروف: اجتهد أن تستر العصاة،
فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام، وأولى الأمور ستر العيوب،
ومثل هذا لو جاء تائبا نادما، وأقر بحد ولم يفسره، ولم يستفسر،
بل يؤمر بأن يرجع ويستر نفسه كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ماعزا والغامدية،
وكما لم يستفسر الذي قال: (أصبت حدا فأقمه علي). ومثل هذا لو أخذ بجريمته،
ولم يبلغ الإمام بها، فإنه يشفع له حتى لا يبلغ الإمام. وفي مثله
جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم" خرجه أبو داود والنسائي من حديث عائشة.
والثاني: من كان مشتهرا بالمعاصي، معلنا بها،
ولا يبالي بما ارتكب منها، ولا بما قيل لـه، فهذا هو الفاجر المعلن، وليس له غيبة،
كما نص على ذلك الحسن البصري وغيره، ومثل هذا لا بأس بالبحث عن أمره،
لتقام عليه الحدود، وصرح بذلك بعض أصحابنا، واستدل
بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "واغد يا أنس إلى امرأة هذا، فان اعترفت فارجمها"
وهـو مثل هذا لا يشفع له إذا أخذ، ولو لم يبلغ السلطان بل يترك حتى يقام عليه الحد ليكشف ستره، ويرتدع به أمثاله) .